وحدة الخطاب الديني والسياسي «الحرية بين الالتزام الوطني وتحديات الفوضى وحروب الجيل الرابع»

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

کلية العلوم السياسية- جامعة بغداد

المستخلص

ظلت الحرية قضية ملحة وذات أولوية قصوى لا ينفک الإنسان يطلبها بالتوازي مع طلبه للحياة ودفاعه عنها وعن متطلباتها المادية والاقتصادية، فهي قاعدة وباب لکينونة ولوجود معنوي بجوار وجوده المادي، ومن مقومات ذلک الوجود وکما سعت الدول عبر السياسة والاستراتيجية في الإطار الدولي توظيف العوامل المادية، فضلًا عن عناصر وأدوات التحکم بالإنسان تحقيقًا لأهداف ومصالح معينة وفقًا لرؤى محددة، فإنها سعت أيضًا وبجهد وقوة أشد وأکبر إلى توظيف العوامل المعنوية واختراق المجتمعات مستغلة خصوصيات الحرية وأجوائها المنفتحة وأدواتها التي تعتمد وسائل التعبير والحوار والخطاب.
ففي العراق ومنذ تغير النظام السياسي العراقي في عام 2003 جرى کتابة دستوره الدائم الذي استند إلى المبادئ الديمقراطية الليبرالية واحترام حقوق الإنسان والتعددية السياسية، وقد أضحى العراق منذ ذلک الوقت ساحة للصراعات الإقليمية والدولية باتجاه جذبه لصالح هذا الطرف أو ذاک، وساحة لتصفية الحسابات بينهم مما أجّج الکثير من التيارات والنشاطات المناوئة لهذا الطرف أو ذاک (تداعيات ظاهرة الإرهاب الدولي التي يعاني منها العالم منذ أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر عام 2001). کما إن الدول وبعد کل تغيير سياسي سواء أتى عن طريق ثورة داخلية أم عن طريق غزو خارجي، فإنها تعاني ولمدة زمنية محددة من فوضى اجتماعية وسياسية لدواعي الصراعات الداخلية أو ما سواها من صراعات (الجيل الرابع من الحروب)، من أجل فرض السيطرة والنفوذ بکل أنواعه على المجتمعات التي تعاني من هذا النوع من الصراعات التي باتت هوية الدولة والمجتمع ووجودهما على المحک.
إذ تعاني الساحة العراقية من ظهور العديد من الخطابات السياسية؛ بسبب تعدد المواقف السياسية والحزبية والبرلمانية حيال العديد من القضايا الخلافية محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، من دون أن نعني بالخطاب السياسي خطاب الذين يشغلون مراکز القرار الحکومي فقط، وإنما يشمل ذلک مجمل الذين يمارسون دورًا سياسيًا سواءً أکانوا أفرادًا مستقلين أو ممثلين لمؤسسات وقوى وأحزاب ذات طبيعة أو أغراض سياسيتين في عملها، فضلًا عن أولئک الذين ينظِّرون في الحقل السياسي ولا يستندون إلى ثقافة سياسية (نظرية) منهجية، عميقة، ورصينة، ويقدِّمون أنفسهم أو يقدِّمهم الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، ومواقع التواصل الاجتماعي على شبکة الإنترنت، بوصفهم محللين وخبراء واستراتيجيين سياسيين. أما خصوصية الخطاب الديني فتکمن في کونه خطابًا ينطلق أيضًا من أفکار عقائدية تتسم بالإطلاق والشمولية والثبات والقداسة،على خلاف الأفکار والاجتهادات غير الدينية التي تتمتع بمستويات متفاوتة من المرونة والقابلية على التعاطي والمناقشة والنقد،وهي في کل مستوياتها دون الفکر الديني تشددًا وتصلبًا (ولو من الناحية النظرية والافتراضية على الأقل). کما أن الفکر الديني وبسبب خواصه المعروفة فهو أمام صعوبات وتعقيدات بنيوية عدة بسبب تفاعله مع أفکار الآخر وتقبله لها ومحاولة التجسير معها، لبناء وتطوير مشترکات ورؤى وأفکار جديدة مشترکة،خصوصًا إذا ما جرى رفع هذه الأفکار والعقائد والخطابات المقامة على أساسها (کواجب دعوي ديني) من مستوى الخطاب الفئوي الخاص بجمهورها المؤمن بها إلى مستوى التعميم والنشر العام بالاستفادة من أجواء الحرية المُتاحة. إذ أن هذه الخصوصيات والتميز في الخطاب الديني نتيجة لخلفيته العقائدية الشمولية المقبولة والمرضي عنها، مما يجعل من عملية السعي لبناء وحدة الخطاب الديني على المستوى الوطني تجري عبر صيغ قد لا تنبع من الذات نفسه، وإنما تتسم بالفرض والقسر والتعسف أيضًا، مما يکسب العملية شکلًا مظهريًّا وإطارًا عبثيًّا خاليًا من المضمون.
ولا يمکن أن ننکر إن هناک تحديات کبيرة تعلقت بالخطاب الديني المعاصر؛ بسبب الخلل في إشکالية اختزال الرؤية والصورة الراهنة عن الإسلام بعنوانين بارزين باتا يترددان بشکل واسع النطاق في وسائل الإعلام سيما الغربية والشرقية أيضًا، وإلى حد کبير وهما (الإرهاب والتخلف)، ليکون الأخيرين من مستويات التصنيف في الخطابات السياسية والإعلامية وحتى الثقافية (الخطاب المعاصر)، وغالبًا ما تطرح قضية التجديد في الخطاب الديني تحت ضغط الحضارة الإنسانية لعبور الفجوة الحاصلة بين العالم الإسلامي والثقافة الغربية العالمية الراهنة وأطرها وقيمها وآلياتها المؤسسية والدستورية.
من هنا باتت المرحلة الراهنة تقتضي تجديدًا في هذا لخطاب من أجل تجاوز محنة الماضي القريب التي جاءت من التطرف والغلو والتشدد الفکري من جانب جماعات وتنظيمات إرهابية بعينها، کما حدث منذ أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر عام 2001 التي وقعت في الولايات المتحدة الأمريکية، وحدث لاحقًا في بعض الدول التي عانت من تداعيات أحداث ما أصطلح عليه ثورات الربيع العربي منذ عام 2011، لنکون أمام تحدي أکبر يقتضي العمل على تأسيس وحدة موقف موحد من الناحية النظرية والفکرية کي تکون سابقة لأي موقف سياسي يأتي مستقبلًا، بمعنى تجاوز محنة الصراعات الفئوية والجهوية التي تستند إلى التکوينات الاجتماعية الفرعية، للخروج بموقف جامع للهويات الاجتماعية الفرعية، ويحترم للخصوصيات الثقافية الفرعية لکي يکون الضامن الحقيقي للأمن والاستقرار في حدود الثوابت الشرعية والوطنية التي تصون الإنسان وتحفظ وجوده وحريته.
 Abstract:
The matter of freedom had been remained as urgent necessity for several times, So the human being became compatible with material and economic requirements. The potential powerful components by the states had based on the international strategy and policy alike, to functionalize the whole of these material resources for achieving immediately the specific targets in the short term.
Iraq as an example, has been witnessed a dramatic changes since 2003, when the principles of democracy, liberalism, political pluralism and respecting of human rights in which prevailed. But the international and regional conflicts based on a specific equation that imposed compromising and settling all pending problems. In spite of the huge phenomenon of fighting terrorism since the events of September 11th of 2001, So many states had suffered from the problematic issue that pertaining with the internal and regional disputes as soon as the fourth generation wars.
However, the religious speech had affected as descripted the dimensions of political speech on the level of governmental and for those who practiced the political roles in public life , besides to that anyone those who desired to use the social media on the Internet. And when we tackled within the nature of these speeches ,many of analysts perceived that the specialty of using religious speech aspects ; because the nature of dealing with static norms and rules , despite of the differences among the mutual point of views for individuals and formal institutions alike.
Furthermore, these differences were contrasted obviously in the bottom details, But all of that had been specified in depending on the fields of freedom ,in order to overcoming on the controversies or disruptions , and to classify the categories of different speeches and to know the reality of humanitarian civilization to bridge the gap between the Islamic world and the current global western culture.
Finally, the ordeal of freedom concentrated on how to overcoming the problems of factional and regional conflicts based on sub-social structures? And to procure a collective position among social sub-identities and to respect the sub-cultural peculiarities, so as to be the true guarantor of re – building the peace and security and to stabilize the aspects of broadcast the religious and political speeches according to the principles of human and public rights, and to make the states and societies alike more stability than previous decades ago for preserving the national unity and the future of freedom consequently